أخبار وطنية يا تونس، لا تخشي الإرهاب فإنّ رجالك ونساءك «رجال»..
بقلم: محمد المنصف بن مراد
لقد شرّعت الترويكا ـ وخاصّة حركة النّهضة ـ أبواب تونس للعنف والارهاب وانهيار الدولة، وها نحن اليوم نجني الضّحايا بعد ان فخّخت الأحزاب الحاكمة سابقا أرض هذه البلاد بألغام الارهاب والدمار..
..لقد تركت النهضة الأسلحة والخلايا الارهابيّة تنتشر، وترك المرزوقي وبن جعفر النهضة تفعل ما تشاء بأمن تونس طمعا في منصب رئاسة الجمهورية! تركت الترويكا المساجد والحدود ومسالك التهريب والجمعيات «الخيرية» والأحزاب المتطرّفة ولجان تخريب الثورة والمخابرات الأجنبيّة ترتع على أرض تونس، ولولا نساء البلاد ورجالها والإعلام الحر والمجتمع المدني واتحاد الشغل ثمّ بروز نداء تونس وضغوطات الأمريكان الذين وافقوا على انخراط بعض الحركات الاسلاميّة في العمل السياسي العربي لاستمرّت النهضة في تدمير ذاكرة البلاد وحاضرها وخاصّة مستقبلها.. كانت حكومة الترويكا شبيهة بحكومة أجنبية إذ حاولت مسح الثقافة التونسية الوسطيّة ونمط عيش العباد، كما كانت معادية للنخب والنساء والمبدعين، ولكن السيد راشد الغنوشي أنقذها من الاقصاء التاريخي والشعبي بجنوحه الى اختيارات وسطيّة رغم صقور حزبه الذي كانوا يميلون للمواجهة، بما أنّ ميليشياتهم كانت وكأنّها مستعدة ولأنّهم مستعدون لحرب أهلية دينية وان أضرّت بشعب بأكمله، علما أنهم كانوا حتما سيهزمون!
واليوم وبعد العملية الارهابية في متحف باردو والتي كانت تستهدف الذاكرة والحياة والاقتصاد، من الواجب شنّ حرب على الارهاب لكن هذه الحرب رهينة عدّة شروط:
أوّلها تغيير بعض القيادات الأمنية وآمر الحرس الذي أحترمه كإنسان، فلا يمكن الانتصار في أيّة حرب إذا لم يثق الجنود والأعوان والضباط بقياداتهم.. فهل يعقل ان تشنّ هذه الحرب وبعض الذين يحتلون مواقع قيادية متعاطفون مع الأحزاب السياسية المتشدّدة إذا لم نقل مع المنظّمات الارهابيّة؟!.. إنّي أقترح على رئيس الجمهورية المسؤول الأوّل عن الأمن القومي اتخاذ إجراءات صارمة لتوفير شروط محق الارهاب وسحقه..
ثاني الشروط يتمثّل في منع ممثّلي بعض الأحزاب سواء في مجلس الشعب أو في الحكومة أو في وزارتي الداخلية والدّفاع من المشاركة في الجلسات الوطنيّة التي تخطّط للاستراتيجيّة أو لتدابير ضد الارهاب.. بكلّ صراحة، كمواطن واعلامي لا أرفض مشاركة النهضة في الحكومة وأن تكون على رأس وزارات تقنية كالفلاحة والتجهيز والشّباب والرياضة أو التجارة لكني أرفض مشاركة هذا الحزب أو التأثير على قرارات الحكومة على الصّعيدين الأمني والعسكري..
أما ثالث شرط لاجتثاث الارهاب فهو ان يكون وزيرا الداخلية والعدل حديديين ومجنّدين للقضاء على الارهاب، وأمّا إذا كانا يعتقدان أنّ تونس تمرّ بمرحلة عادية، فانّ الدمار في انتظارنا.. فعلى وزير الدّاخلية ان يطهّر وزارته كما أنّ على وزير العدل أن يهتمّ بمسألة إطلاق بعض القضاة سراح الموقوفين الضالعين في الإرهاب. فكفانا «حيادا» غير مبرّر لهاتين الوزارتين، مع الملاحظة أني أخيّر تعيين وزيرين حديديين على رأسهما أو تكليف ضابطين وطنيين من الجيش بتسييرهما، هذا دون الحديث عن رئيس الحكومة المحترم الذي يحاول التحرّك وبكل جدّية لكنّ ماضيه وشخصيّته وتكوينه لا تؤهّله لأن يكون رئيس حكومة حرب..
أما الشرط الرابع فهو تمكين جيشنا وأمننا من التجهيزات والمعدّات التي تسمح لهما بخوض الحرب على الارهاب في أحسن الظروف..فكيف يمكن القضاء على الارهابيين إذا كان أبطالنا في الجيش والأمن يفتقرون للصدريات الواقية من الرّصاص ولوسائل التنصّت والأسلحة و«الدرون» (طائرات بلا طيّار لاستكشاف مخابئ الظلاميين أو لضربهم) والمدرعات والصواريخ والطائرات العمودية؟ انّ الشعب التونسي مستعدّ لتمويل هذه الأجهزة إذا كان على يقين من أن الدولة تخطّط بصفة جدّية لتسديد ضربة قاضية للارهابيين وذلك تحت إمرة وطنيين مخلصين لوطنهم!
وفي سياق متصل، لابدّ من الانكباب على ملفّ المهرّبين الذين حطّموا ـ نسبيا ـ الاقتصاد التونسي ولا جدال في انّ البعض منهم متابع لتمويل الارهابيين، وبالتالي من أولويات الحكومة شنّ حرب جادّة على كبار المهرّبين و«الملياردارات» غير الوطنيين، فطالما أنّ الأمن والديوانة يتعاملان مع كبار المهرّبين والفاسدين وكأنّ تونس غير مهدّدة في استقرارها، فلن نهزم الإرهاب.. ثمّ علينا أن نصدر قانونا لمكافحة الارهاب، خاليا من أيّة جرعة من حقوق الإنسان التي يتشدّق بها بعض السّاسة الأغبياء لتوفير حصانة للارهابيين!
اضافة الى كلّ هذا فانّ بعض الإعلاميين المرتزقة وكذلك مسيّري بعض القنوات التلفزية والإذاعات ما انفكّوا يحاولون تبييض الارهاب إمّا لأسباب ايديولوجيّة أو لأنّهم تلقّوا أموالا من أجل هذه الخدمة.. واليوم مسؤوليتهم انكشفت وتأكّد أنّ آخر ما يشغلهم هو مصلحة تونس، والاّ بماذا يفسّر حرصهم على توجيه الرأي العام من خلال استضافة المتشدّدين الى منابرهم؟ قد يكونون يفعلون ذلك عن قناعة أو لمواجهة المشاكل المالية التي تعرفها مؤسّساتهم أو بحثا عن الثراء السريع وإن كان على حساب حياة الجنود والأمنيين..
بقي أن نشير الى أنّ مشاكل المساجد والجمعيات الخيرية المساندة للتطرّف والرياض الحاضنة لبذور الارهاب لم تؤخذ مأخذ الجدّ رغم التصريحات الحكوميّة المتفائلة..
انّ تونس بحاجة الى فرض حرب استباقية على الارهاب حتى تنتصر عليه ونشلّ طاعونا قد يضرب ويقتل من جديد .. ومهما يكن من أمر فالشعب التونسي العظيم لم ولن ييأس وسيكسر شوكة الجهلة والإرهابيين رغم كل ما يتلقون من دعم ومساندة من أحزاب وحكومات إجرامية على شاكلتهم.. لن يمرّوا حتى لو ساندتهم دولتان من الخليج والامبراطوريّة العثمانية واسرائيل، وكلّهم يريدون إعادة الشعوب العربيّة إلى العصر الحجري ليستنزفوا خيراتها ويحكموا قبضتهم عليها.